شهدت السنوات السابقة تطوراً ملحوظاً في السوق العقاري وظهرت التوجهات العقارية Trends المختلفة تلاءمت مع حركتهِ السريعة، وتفضيلهِ على الكثيرِ من مجالات الاستثمار الأخرى، وذلك نتيجةً للتوسع الاقتصادي الكبير وخصوصاً في البلدان النامية، فهل سيبقى الحال كما هو عليه في السنة القادمة؟
حقيقةً تشير الإحصائيات إلى أنّه من المتوقع أن يصل حجم سوق العقارات العالمي إلى 5.85 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، مسجلاً معدل نمو سنوي مركب بنسبة 5.2٪ من عام 2022 إلى عام 2030.
وحتى نقدّم فكرة أوسع عن المجال العقاري في عام 2023 سنشارك معكم أحدث التوجهات العقارية لهذا العام في مقالنا هذا…
التوجهات العقارية (Trends) لعام 2023
البحث الإلكتروني عن المنازل
تزايدَ الاعتمادُ على التكنولوجيا بعد أزمة كورونا، فقد أدّى هذا الوباءُ إلى تسريعِ الرقمنةِ في جميع القطّاعات، ومن ضمنها قطاع العقارات، فاليوم بات الإنسان قادراً على شراء منزلٍ ما بنقرة زر دون معاينتهِ على أرضِ الواقع حتّى، والفضلُ يعود بذلك للوسائلِ التقنيةِ المختلفةِ مثل الصور والفيديوهات، وللشركات والمواقع الإلكترونية العقارية المتخصصة بهذا مثل موقعنا دانة الخير العقارية وشركة Zillow الأمريكية التي تسمحُ لبائعي المنازل بتصفح القوائم والتواصل مع وكلاء العقارات والبحث عن خيارات الرهن العقاري وغيرها، وبالتأكيد سيبقى هذا الاتجاه رائجاً في عام 2023 وإلى مزيدٍ من التطورِ مثل إدخالِ الجولاتِ ثلاثية الأبعاد في نظام عرض العقار أو استخدام أشرطة الفيديو بكاميرا دون طيّار Drone videos.
الانتقال من المدن إلى الضواحي
يقرّر المزيد والمزيد من الناس الانتقال إلى الضواحي، فهل هذا مفاجئ؟
في الحقيقة يمثّل العيش في الضواحي التوازن المثالي بين تجربة الحياة الحضرية والريفية، وخصوصاً بعد حركة التضخم الاقتصادي والتي أصابت أغلب مناطق العالم سواء في عالمنا العربيّ أو في الخارج، بالإضافة لأسباب أخرى مثل:
- توفير النقود: بغض النظر عن المكان الذي تعيشون فيه، فلابدّ من العيش في مكانٍ يناسب ميزانيتكم، وكلنا نعرف أنّ تكلفة المعيشة في المدينة باهظة الثمن وتتطلب دفع أطنان مقابل الحياة اليومية، بينما في الضواحي كل شيء تقريباً أرخص مثل السكن، والغاز، والمرافق، والطعام.
- عقارات أكثر: تنتشر البيوت المريحة نظراً لمساحات الأراضي الواسعة في ضواحي وأرياف المدن مما يجعل مهمة إيجاد سكنٍ ملائمٍ أسهل بكثير، وأرخص أيضاً…
ومن تجربة الكثيرين، قد تدفع مبلغاً كبيراً لقاء شقة صغيرة في المدينة بينما تدفع في الضواحي نفس المبلغ لقاء بيت واسع ومريح وربما مع حديقة جميلة أيضاً، ويبدو أنّ الناس تتوجه لذلك بقوّة في عام 2023!
- أسباب أخرى: هناك أسبابٌ عدّةٌ تقف وراء انتقال الناس من المدن إلى الضواحي مثل اختيارهم أسلوبَ حياة أكثرَ هدوءاً (يشملُ ذلك البعدَ عن الازدحام، وحُبّ التواجد في الطبيعة، والخصوصية) وغيرها، بالإضافة إلى كونِ مجتمعِ الضواحي أصغر مما يعني معدلات الجريمة فيه أقلّ والحياة الاجتماعية ملائمة أكثر.
زيادة الطلب على العقارات السكنية الخاصة بالأسرة
نعلم أنّ هنالك أنواع عديدة للعقارات السكنية والتي يمكن فرزها اعتماداً على عدد الأشخاص في العقار، مثلاً يصلح الاستديو لفرد واحد بينما تحتاج الأسرة إلى بيت أو فيلا أو شقة دوبلكس بحسب اختيارهم، وحسب التوقعات سيميل الناس في عام 2023 إلى البحث عن المنازل الكبيرة نوعاً ما والتي تصلح لأسرة كاملة، ومن المحتمل أن تلحق وتيرة البناء الجديد بالطلب المتزايد لهذا النوع من العقارات.
أسعار المنازل تواصل الارتفاع
الاتجاهات العقارية الحالية مترابطة بشكل كبير، ونظراً للطلب المتزايد على منازل الأسرة الواحدة وتضاؤل العرض، ارتفعت أسعار منازل الأسرة الواحدة في الأعوام السابقة ومن المتوقع أن تظل مرتفعة في عام 2023 وما بعده.
تراجع سوق العقارات المؤجرة
تحدثنا سابقاً عن توجه الناس للانتقال من المدن للضواحي، مما سيسبب حالة تراجع في سوق الإيجار لكل من العقارات السكنية والتجارية في المدن الكبرى.
سيستمر الطلب على العقارات المؤجرة في الانخفاض في أكبر المدن مثل العواصم والمدن المركزية كـ نيويورك وباريس وبالطبع ما يماثلها في الجانب العربي من مدن كبيرة حيث يتطلع الأشخاص الذين يمكنهم تحمل تكاليف الإيجار فيها لشراء منزل عاجلاً أم آجلاً، إذ من المنطقي أن نهدف لشراء بيت وامتلاكه بدلاً من الاستمرار في دفع مبالغ طائلة لقاء إيجارات الشقق السكنية.
انخفاض معدلات الرهن العقاري
تناغماً مع الفكرة السابقة، من المهمّ أن نذكر أنو التوقعات بانخفاض معدلات الرهن العقاري عالية، وبالتالي سوف تنتعش أحلام شراء العقارات السكنية في عام 2023.
ويتوقع الخبراء في المجال العقاري انخفاضاً تدريجياً في معدلات الرهن العقاري في عام 2023، حيث من الممكن أن يبلغ متوسط الرهن العقاري لمدة 30 عاماً ما بين 6.1٪ و6.5٪ في الربع الرابع من السنة.
المزيد من المستودعات
لابدّ من التطرّق أيضاً إلى التوجهات العقارية التجارية، والتي تبدو واضحة بعد انتشار موجة التجارة الإلكترونية في البلاد، والتي بالطبع مع زيادتها، تزداد الحاجة إلى المستودعات والمساحات الصناعية.
ومن المرجح أن تكون التجارة الإلكترونية بمثابة رياح خلفية لصناعة الخدمات اللوجستية والمستودعات الصناعية وعقارات التوزيع لمدة 10 سنوات على الأقل.
عام اقتناص الفرص
هل سمعتم بـ “أثر الفراشة” من قبل؟
هو نظرية تنصّ على ما يلي: ” تحريك جناح الفراشة في الصين سيتسبب بحدوث إعصار مدمر في أمريكا”، أي أنّ أصغر التغيرات في عالمنا يمكن أن تؤثّر بشكل كبير على صورته، فما بالكم بالمتغيرات الكبرى مثل حرب أوكرانيا التي تبعها تقلب السوق والتضخم المرتفع وارتفاع أسعار الفائدة، وهذا ما سيجعل من عام 2023 عاماً مليئاً بالتحديات.
إن عام 2023 سوف يتسم بتباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي حيث تستمر السياسة النقدية في أغلب دول العالم في التشديد وتتكيف الاقتصادات العالمية بالتالي مع التضخم، حيث بدأ هذا التأثير في الدول الأجنبية مثل أمريكا ودول أوروبا وسيمتدُّ ليشمل مناطقنا العربية أيضاً، وهذا يترجم إلى نشاط أقل للائتمان والإقراض، والتقلب المستمر في أسعار الأصول.
وبالطبع يفهم أصحاب العقارات والمستثمرون الذين لديهم ميزانيات قوية كيفية الاستفادة من تلك التقلبات، وتحويلها إلى فرصة لتنمية محافظهم العقارية بتكلفة أقلّ.
وفي النهاية…
نشهد عاماً بعد عام تغييراً في مفهوم ماهية العقارات، لقد توسعت إلى ما وراء نطاق المكاتب وعقارات التجزئة والعقارات الصناعية إلى قائمة متنوعة للغاية من الأصول القابلة للاستثمار.
كما أدّى العصر الرقمي إلى النمو السريع للتجارة الإلكترونية التي غيرت نوع الأصول المطلوبة من العقارات التجارية، وكان هناك في الآونة الأخيرة ظهور لسوق البناء للإيجار وزيادة الطلب على مساحات العمل المرنة، ونظراً لكلّ هذه المسببات سيكون العقدان المقبلان حول كيفية ردم الاختلافات بين أنواع العقارات العديدة والمتنوعة، أي لقد بدأنا رسمياً في دخول عالم يكون فيه المستخدمون محايدون لفئات الأصول يعني يمكنهم استخدامها كيفما يريدون.