![التطوير العقاري : ما هي حكاية تطوير المدن ؟](https://danaalkhair.com/wp-content/uploads/2021/11/Picture3-1240x720.jpg)
على الصعيد العالمي، يعيشُ أكثرُ من 50٪ من السكان في المناطق الحضرية أيْ المدن اليومَ، وبحلولِ عامِ 2045، سيزدادُ عددُ سكانِ المدن في العالم بمقدار 1.5 مرة ليصلَ إلى 6 ملياراتٍ، مما يعني ضرورةَ التحرّك بسرعةٍ للتخطيط للنمو وتوفيرِ الخدماتِ الأساسية والبنيةِ التحتية والإسكانِ الميسور التكلفة الذي يحتاجهُ السّكان الآخذون في التوسّع، ولكن هل كانت الأمور دوماً هكذا؟ وكيف وصلت المدن إلى ما هي عليه اليوم؟ وكيف يؤثّر ذلك التطوير العقاري على الاستثمارات العقارية؟
إن كنتم لا تعرفون كيف تطوّرت المدن(التطوير العقاري)، سنأخذكم في رحلةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ تُثري معلوماتكم عن هذا الموضوع، تابعوا هذا المقال…
المراحل التاريخية للمدن
أجمعَ علماءُ الاجتماع بعد العديدِ من الدراساتِ على أنّ المدن قد مرّت بثلاثِ مراحلَ تاريخيةٍ أساسيّةٍ وهي: المراحل ما قبل الصناعية والصناعية و المتروبولية ( أي المدن الكبرى)، فلنرى كيف كانت العمليات التطويرية في كلّ منها:
مدن ما قبل الصناعة
بالنسبة للغالبيةِ العظمى من تاريخِ البشرية، وعلى حدّ علمِ الجميعِ، كان الناس يتجولون بحثاً عن الطعام، ولكنْ لم يتمكّن أسلافنا أثناء جمعهم للنباتات الصالحة للأكل، وممارستهم الصيد، من العثورِ على ما يكفي من الطعامِ في منطقةٍ واحدةٍ لإعالة أنفسهم لفترةٍ طويلةٍ من الزّمن، وبالتالي كان عليهم الاستمرار في التحرّك حتّى يتمكّنوا من العثورِ على مكانٍ آخر للاستقرار فيه مؤقتاً.
شيئاً فشيئاً بدأت أدواتهم تتطوّر مما سمح لهم بالاستقرار وبناء القرى التي تبعد عن بعضها ربما مئات الأمتار، ثمّ قبلَ حوالي 5000 عام، طوّر البشرُ ابتكاراتٍ أخرى مثل الرّيّ، وعلم المعادن، والمحاريث التي تجرّها الحيوانات.
وقد سمحت هذه التطورات للمزارعين بإنتاج فائضٍ من الطعام يتجاوزُ احتياجاتهم الفورية، والذي أدّى إلى جعل بعض الناس يكسبون رزقهم بطرقٍ أخرى مثل صناعة الفخّار والنسيج والانخراط في أنشطةٍ غير زراعيةٍ يمكنهم بيعها أو مبادلتها مع الآخرين مقابل فائض الطعام.
ونتيجةً لذلك، غادر الناس المزارع والقرى وتطورت التجارة وبدأت المدن تتشكّل، وبالطبع تلك المدن الأولى صغيرة جداً وكانت تأوي أقل من 10000 نسمة.
المدن الصناعية
انتقلت أعدادٌ متزايدةٌ من الناس إلى المدن بين عامي 1700 و 1900، وسرعان ما حصل تدفّقٌ سكانيٌّ كبيرٌ إلى المدن مدفوعاً بالثورة الصناعية، والسببُ الأساسي هو البحثُ عن العمل، فمثلاً حدَّ اختراعُ ماكينةٍ خاصّةٍ للزراعة من عمل المزارعين ( فلا حاجة لهم بعد الآن مثل قبل)، وهذا النقصُ في العمالة أجبرَ عمال المزارع على الانتقال إلى المدن للعثور على عمل، ثم أدّت هجرةُ العمّال من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية إلى ظهور المدينة الصناعية.
كانت المدينةُ الصناعيةُ أكبر وأكثر كثافةً سكانيةً وأكثر تنوعاً من نظيرتها ما قبل الصناعية كما كانت تحتوي على العديد من الأشخاص من خلفياتٍ واهتماماتٍ ومهاراتٍ مختلفةٍ عاشوا وعملوا معاً في مساحةٍ محددةٍ.
كانت المدينة الصناعية أيضاً مركزاً تجارياً، حيث دعمت العديد من الشركات والمصانع، وقد اجتذب هذا أعداداً كبيرة من المهاجرين من بلدان أخرى على أمل تحسين أنفسهم من خلال تأمين عمل مستقر وإيجاد “بداية جديدة”.
المدن الكبرى ( المتروبولية)
مع انتشارِ المدنِ الصناعيةِ الأكبر إلى الخارج في أوائل القرن العشرين، تشكّلت المدنُ الكبرى (وهي مدنٌ كبيرةٌ تشمل الضواحي المحيطة، وهي أراضي خارجَ حدود المدينة وعادةً ما يكون لها حكمٌ منفصلٌ)، في حين أنّ بعض الضواحي أصبحت مدناً متميزة في حد ذاتها، إلا أنها احتفظت بروابط جغرافيةٍ واقتصاديةٍ وثقافيةٍ قويّةٍ مع مدينتهم “الأم “،وصارت العديد من المناطق الحضرية تضمّ مليون نسمة أو أكثر.
واستمرّ ذلك إلى أيامنا الحالية، فالضواحي لا تزال آخذة بالنمو، بل أصبح الكثير منها مركزاً اقتصادياً في حدّ ذاته، حيث تتواجد فيها المكاتب والمستشفيات والمصانع مع مراكز التسوق والمجمعات الرياضية والتقسيمات السكنية.
و بهذه الطريقة، أصبحت العديد من الضواحي في الأساس مدناً صغيرة (وفي بعض الحالات، ليست صغيرة جداً).
وإذا أردنا النظر إلى الموضوع من الناحيةِ الديموغرافيةِ، فإنّ الضواحي تميلُ إلى جذبِ السكان الأكثر ثراءً من المدن حتى يستقروا فيها، وهي تتنوّع عرقياً وثقافياً واجتماعياً.
وبعد أن وضّحنا مراحل تطور المدن (التطوير العقاري)، من المهمّ أن نسأل: هل يؤثر نمو المدن والتخطيط لها على سوق العقارات وأسعارها، وكيف ذلك؟…لنرى معاً!
كيف يؤثر تطوير وتخطيط المدن (التطوير العقاري) على سوق العقارات؟
يشملُ التخطيطُ الحضريُّ كلَّ جانبٍ من جوانب تخطيطِ المدينة والبنية التحتية والنقل والأماكن العامة، مما يؤثّرُ على استخدام وتطوير المناطق المختلفة، وهذا يعني أنّ تجربة العيش في مدينة ما تتأثّر بشكلٍ مباشرٍ بقرارات التخطيط الحضري، والتي بدورها تؤثر على الرغبة في امتلاك العقارات هناك.
شاهد أيضاُ:
كيف تختار المسوق العقاري الأفضل لك؟
فيما يلي عدد قليل من قضايا التخطيط العمراني والتطوير العقاري التي يجب البحث عنها عند الاستثمار في عقار ضمن مدينة:
روابط النقل
يؤدّي وجودُ اتصالاتٍ جيدةٍ بالمناطق التجارية المحيطة أو المدن المجاورة إلى زيادة قيمة العقار الذي ترغبون بامتلاكه في مدينةٍ ما.
المساحات الخضراء
في المناطق الحضرية، ولا سيّما المدنُ الداخليةُ، عادةً ما تكون المساحات الخضراء واسعةً وهذا يؤثر إيجاباً على قيمة العقار.
الشباب والنمو
يمكن أن يكون لتدابير “تأمين المستقبل” لمدينٍة ما من خلال تشجيع الشباب على الاستقرار فيها تأثيرٌ إيجابيٌّ على أسعار العقارات، إذ من المرجّح أن يستأجر الأشخاص الأصغر سناً أكثر من شرائهم، لذا فإن أي مكان يعدهم بحياةٍ ومهنةٍ مثيرة يمكن أن يتوقع طلباً ثابتاً على عقارات الاستثمار العقاري.
مخططات المدينة
عند الاستثمار في العقارات، من المهمّ دراسةُ التخطيط الحضري للسلطة المحلية وخططِ التطوير العقاري أولاً.
هل يتمُّ معالجة المشاكلِ مثل مخاطر الفيضانات؟ هل سيكون هناك المزيد من المساحات الخضراء وكذلك المنازل؟ هل يجري توسيع النقل أو ترقيته؟ ادرسوا الموضوع بشكلٍ جيدٍ، وتخيلوا من سيرغب في العيش هناك في المستقبل ولماذا.
المدن حاضنة لكلّ ما هو مختلف في الإنسانية، نجدُ فيها عروقاً وجذوراً متنوعة تحكي قصص الانتقال من مكان إلى مكان لغاية الأفضل، ولأنّ كلّ شيء في الحياة مترابط لابدّ لذلك من التأثير على خطط الاستثمار في هذه المدن، لذلك إن كان في بالكم نية الانتقال إلى مدينة جديدة أو الاستثمار في عقارات مدنيّة، تذكّروا ما جئنا لكم به في هذا المقال من عوامل يجب دراستها وقصصاً توضّح أسباب التدفق السكني الأساسية للمدن حتى تكون خطواتكم آمنة ومربحة في كلّ وقت.
المصادر
مصادر الصور