
يبدو مفهومُ “الاستثمار العقاريّ” مغرياً للكثيرِ من أصحابِ الأموال، ويتّجهُ العديد منهم إلى بناء المحفظات العقارية المتنوعة كنوع من مصادر الاستثمار طويل الأمد، ولكن هنا يبرزُ سؤالٌ مهمٌّ: هل كلُّ الاستثمارات العقارية ناجحة؟ وما هي المخاطر التي تنطوي على هذا النوع من الاستثمارات؟
تابعوا معنا في هذا المقال لنتعرف سوياً على مخاطر الاستثمار العقاري وكيف يمكننا زيادة أرباحنا باغتنام الفرص العقارية المناسبة وتجنّب المخاطر المحتملة.
أهمية معرفة مخاطر الاستثمار العقاريّ
يستمرُّ الاستثمار العقاريّ في اكتساب شعبيةٍ بين الجماهير من خلال مواقع التمويل الجماعي بالإضافة إلى العروض الخاصّة المقدمة مباشرةً من قبل المالكين الذين يديرون المشاريع الفردية والتي يتطلعون إلى تمويلها، ولذلك إذا كنت قد بدأت للتو، أو لديك القليل من الخبرة، فقد تقع في الكثير من الأخطاء مثل انجذابك إلى استثمار مبنى بمظهرٍ جميلٍ أو توقّع عائدات مرتفعةٍ تهطلُ عليك مثل المطر منذ أوّل صفقةٍ!
ومن أجل أن تضمن معدلات نجاح أعلى وأرباح أكثر من المهمّ أن تفهم العناصر الأساسية للعرض ثم تقرر ما إذا كان مناسباً لاستثمارك، وبالتالي يجب أن تدرك المخاطر مقابل العوائد.
إليك بعض المخاطر الأساسية التي يجب أن تأخذها في الاعتبار عند تقييم عرض عقاري، وقبل صرف أموالك التي كسبتها بشق الأنفس.
مخاطر الاستثمار العقاريّ
مخاطر الأصول المادية
يمكن أن يتكبّدَ العقارُ الاستثماري تكاليفَ غيرَ مخطّطٍ لها أو نفقاتٍ رأسماليةٍ بسبب حالته المادية، وهذا ينطبقُ بشكلٍ خاصّ على العقارات القديمة التي لا تتمُّ صيانتها بشكلٍ جيّدٍ، فقد تتطلّبُ هذه العقارات إصلاحاتٍ أو تحسيناتٍ مكلفةٍ مما يؤثّرُ على ربحية الاستثمار.
يمكنُ للمستثمرين تقليلُ مخاطر الأصول المادية من خلال اتخاذ العناية الفنية الواجبة قبل إبرام الصفقة. وهي تشمل الجوانبَ الرئيسية التي يجب مراعاتها مثل تقييم الاستقرار الهيكلي، وحالةِ المعداتِ الميكانيكية والكهربائية (المصاعد، ووحدات تكييف الهواء)، والتحقق مما إذا كانت الممتلكات تفي بأحدث قوانين أو لوائح البناء، وعمليات التفتيش البيئية، وما إلى ذلك…
مخاطر السوق
مخاطر السوق ببساطةٍ هي منطقة الاستثمار، والتي يمكن الإشارة إليها على أنها منطقة إحصائية حضرية (MSA).
ومنطقة الاستثمار ليست فقط مدينةً رئيسيةً، ولكن تضافُ إليها المنطقة المحيطة بها بأكملها، ولنوضح الفكرة أكثر يمكننا أخذ هذا المثال: المكان الذي نعيش فيه حالياً مدينة جدة في السعودية وضواحيها، والتي تشمل 14 بلدية وبالتالي يمكن اعتبارها منطقة استثمار.
تتركز العناصر التي تهمنا في الاستثمار العقاري بالنسبة لمنطقة الاستثمار حول نمو الوظائف والنمو السكاني وتكوين الأسرة، لأنّه في الاستثمار العقاري، إذا كان السوق الخاص بك لا ينمو، فتوقع أن تحقق عوائدك نفس الشيء، وبالتالي الأرباح تتناسب طرداً مع معدل نمو منطقة الاستثمار.
مخاطر الموقع
ونقصد هنا الموقع الفعلي للعقار الذي تفكر في الاستثمار فيه ضمن منطقة الاستثمار التي اخترتها.
هل هو في موقع حضري أم في الضواحي؟ هل هي منطقة نامية حديثاً، أم أنها قديمة وفي طور التحسينات؟ ما هي معدلات التوظيف فيها؟ هل الموقع الذي اخترته مخدّم فنياً أم لا؟
إنّ أوّل ما يتبادر إلى ذهن أي إنسان بما يخصّ العقارات هو موقع هذا العقار وبالتالي يجب أن تكون حريصاً عند اختياره وأن تفكّر ما الذي يجعله استثماراً جيداً؟
وكنصيحةٍ من أصحاب الخبرة جرّب تقسيم منطقة الاستثمار إلى أجزاء مثلاً جزء A وB وC وD، ثمّ قيّم المواقع في كل جزء واختر الجزء الذي يناسبك أكثر.
شاهد أيضاُ:
نصائح حول لماذا(أهمية) الاستثمار العقاري في أمريكا ؟
مخاطر التنمية
عندما تشتري عقاراً ما في طور البناء أو حتى عقاراً قديماً ويحتاجُ إلى إعادة التطوير، فهناك مخاطر تطويرٍ مرتبطةٍ به، والتي تأتي في شكلين وهما: مخاطر البناء ومخاطر الاستحقاق والترخيص.
- مخاطر البناء هي مخاطر عدمِ اكتمالِ المشروع ضمن الإطارِ الزمنيّ المتوقّع وبالتالي تَكبّد تكاليفِ بناءٍ أعلى أو الكشف عن عيوب بعد الانتهاء من البناء، ولذلك من المهمّ التأكّد من أن المشرف على المشروع لديه خبرةٌ كافيةٌ في إدارة مشروع البناء إذا كان الاستثمار يتضمن جانباً تنموياً.
- أما مخاطر الاستحقاق والترخيص تأتي عند محاولة الحصول على عقار وتطويره لاستخدام معين ولكن هناك احتمال ألا تُصدر الوكالات الحكومية ذات الاختصاص القضائي على العقار الموافقات المطلوبة للسماح بالمضي قدماً في المشروع.
وهذا هو السائد في مشاريع التطوير الجديدة، والتي تتطلب في كثيرٍ من الأحيان عملية استحقاق ممتدة حيث يتم الحصول على موافقات البناء قبل السماح للبناء بالبدء، وغالباً ما يكون طول الفترة الزمنية قبل منح الموافقة متغيراً إلى حدّ كبيرٍ وقد يؤدي إلى تأخير الجداول الزمنية للبناء، مما يؤثر على ربحية الاستثمار العقاري.
مخاطر الرافعة المالية
نعلم جميعنا أنّ الاستثمار العقاريّ يحتاج إلى مبالغ عالية نسبياً ولهذا يلجأ بعض المستثمرون إلى “الرافعة المالية” والتي يمكن أن نشرحها ببساطة على أنها استراتيجية تسمح للمستثمر باقتراض المال للاستثمار في أصول مالية معينة لزيادة عائد الاستثمار المحتمل.
الرافعة المالية هي مضاعف للقوة يمكنها تحريك المشروع بسرعة وزيادة العوائد إذا سارت الأمور على ما يرام، ولكن إذا حصلت مشكلات في عمليات التدفق النقدي، سوف يتعرض المستثمرون إلى الخسارة بسرعة، و يحدث هذا عادةً عندما لا يكون دخل العقار المُستثمَر كافياً لتغطية أصل الدين ومدفوعات الفائدة.
وكقاعدة عامة، كلما زاد الدين على الاستثمار، زادت مخاطره، وكما هو الحال مع أيّ استثمارٍ يجب أن تتوقع عائداً أعلى للمخاطرة بشكلٍ أكبر.
مخاطر التأجير
يميلُ المستثمرون إلى الاستثمار في أبنية ذات شقق متعددة وتأجيرها بشكل مستمر وتحقيق عوائد الاستثمار بهذه الطريقة، وهنا تحدث مخاطر التأجير عندما لا يتمّ تأجيرُ الوحداتِ ضمن إطارٍ زمنيّ مستهدفٍ بسعرِ إيجارٍ مستهدفٍ، ونتيجة لذلك تظلّ هذه الوحدات شاغرة لفترة طويلة من الزمن، وبالنسبة للعقار الذي يحتوي على وحدات شاغرة، يتوقع المشرف عادةً تأجير الوحدات بمرور الوقت.
يمكن التخفيف من مخاطر التأجير من خلال تخصيص قدرٍ معقولٍ من الوقت والمال كمخزن مؤقت، والذي يمكن الاستفادة منه في حالة عدم ملء الوحدات الشاغرة وهذا يضمن تغطية تكاليف التسويق والحوافز للمستأجرين المحتملين وتكاليف الحفاظ على العقار الاستثماري.
مخاطر معدّل الرسملة (معدل الحدّ الأقصى)
معدل الرسملة هو مقياس مهم في تقييم العقارات يستخدم لمقارنة الاستثمارات العقارية المختلفة، وبالتالي يمكن أن يشكّل مخاطرةً كبيرةً على سعر بيع الأصل العقاري وذلك لأن التغيير الصغير نسبياً فيه يمكن أن يكون له تأثير غير متناسب على قيمة العقار وربحية الاستثمار، ويحسب كالتالي:
معدل الرسملة = صافي دخل التشغيل السنوي / التكلفة (القيمة)
ومن أجل التخفيف من هذه المخاطر، يجب على المستثمرين النظر في معدل الحد الأقصى عند الدخول في استثمار عقاري (معدل الحد الأقصى للدخول) وكذلك معدل الحد الأقصى المتوقع في نهاية فترة الاستثمار المقصودة (معدل الحد الأقصى للخروج) ، والتأكد من ذلك بالنسبة للسوق.
وفي النهاية، العقارات هي شكل أصول ذات سيولة محدودة وليست مثل سوق الأوراق المالية حيث يمكنك بيع الأسهم بسرعة إذا كنت بحاجة إلى نقود، إذ لا يمكنك بيع منزل على الفور لدفع نفقات مفاجئة وغير متوقعة كما أنّه يتطلب أيضاً مبلغاً كبيراً من المال، وبالتالي إذا لم يتم فهم هذه العوامل وإدارتها جيداً، تصبح العقارات استثماراً محفوفاً بالمخاطر التي ذكرناها آنفاً وغيرها الكثير.
المصادر والمراجع